-->

"من الألم إلى القوة: رحلة إعادة اكتشاف الذات بين التحديات والانتصارات"

 


لم تكن تعلم أن هذا اليوم سيأتي يومًا ما، ولو كانت تعلم، ربما لما علقت قلبها به بتلك الطريقة، وربما لم تكن لتتخذ خطوة الارتباط به. إن اكتشاف خيانة الشخص الذي كانت تحبه كان صدمة مريرة. تمنت بكل قوة أن لم تكن قد عرفته أبدًا، ولكن أحيانًا تأتي الصدمات دون سابق إنذار.

الفصل الاول : التجاوز والنهضة


تذكرت يوم سمعت الخبر لأول مرة، وكانت في البداية تشك في خيانته، لكن الصدمة جاءت عندما أعلن لها أنه قد تزوج. بدت كالصخرة، لم تستطع تصديق الواقع. صمتت ونظرت إليه بعيون مغرقة في الدموع، كما لو كانت تعيش في كابوس. لم تستوعب الأمور ولم تستطع تحديد إذا كانت قد سمعت صحيحًا أم أنها في حلم. فجأة، صمتت بشكل غير معتاد. فكرت في العودة إلى أهلها، ولكن تساؤلاتها كانت كثيرة. كيف تعود ومعها ثلاثة أطفال إلى منزل والدها؟ وهل سيسمح زوجها بأخذ الأطفال؟ وهل تعود لتتحمل الاهانات؟ كانت تواجه الواقع الصعب وتتساءل عن مستقبلها.

في لحظة غضب لم تتمكن من السيطرة على نفسها، صرخت قائلة له: "طلّقني!" ولكنه نهض بغضب، وعيناه احمرت من الغضب. قاطعها قائلاً: "في أحلامك!" بينما هي في حالة ضجر وصراخ، تركها وخرج.


خلال الساعات التالية، كانت تتوقع حدوث نوبة قلبية أو انهيار عصبي، ولكن لم يحدث شيء من ذلك. واليوم، بعد أربعة أشهر، لا تزال تعيش في توتر مع هذا الوضع. يأتي إليها كل أسبوع ويمضي، وتتساءل عن كيفية قضاء وقتهما معًا. تشعر بالألم لأنه لم يعد يبدي اهتمامًا بها، ويُظهر يوميًا عذرًا لتجنب الاقتراب منها.

فقدت المرأة احساسها بالذات وبالوقت. حتى أطفالها أصبحوا غير محط اهتمامها. تعيش على هامش الحياة، وكل يوم يبتعد زوجها عنها أكثر. تشعر بالفتور والإهمال، فقد كسرت قلبها وتشعر أنه لا يمكن إصلاحه بسهولة. تتأرجح بين اليأس والغضب، تحاول إعادته إليها لا من باب الحب فحسب، ولكن أيضًا لاستعادة كرامتها. وفي بعض الأحيان، تجد نفسها في حالة من الفوضى حينما تفكر في الخيارات الممكنة للتصدي لتلك الوضعية المؤلمة.


في يوم من الأيام، وكعادتها، كانت منال جالسة بحزن متزايد. فجأة، رن هاتفها، قامت لترد واكتشفت أنها صديقتها سمر."كيف حالك، يا منال؟"، سألت الصديقة.

تنهدت منال وقالت: "الحمد لله، من الله بخير."ابتسمت سمر بتفهم وسألت: "ومن البشر؟"

أجابت منال: "الله أعلم."فجأة، قالت سمر بجرأة: "هل تسمحين لي بالتحدث إليك بصراحة؟"

أجابت منال: "تفضلي."وتابعت سمر: "أنا أعرفك منذ أكثر من 12 عامًا. لطالما كنتِ الانسانة الطموحة والرقيقة. ماذا حدث لك؟ هل هو بسبب الزواج؟ هل هو الزواج الأول أم الثاني؟ هل ستسمحين له بأن يأخذ منك حياتك مرة أخرى؟"

وأضافت: "الحياة، يا منال، ليست بعدد الأيام التي نعيشها، بل بما نفعله في هذه الأيام. ابحثي في داخلك عن منال الطموحة، انظري في المرآة وتذكري من أنتِ حقًا."

بعد أن أنهت المحادثة مع صديقتها، أغلقت الهاتف وجلست تفكر بعمق في ما سمعت. هل يُمكن لتلك المرأة حقًا أن تأخذ حياتها، تمامًا كما فعلت مع زوجها؟ شعورها كان كما لو أن دلوًا من الماء البارد سكب فوقها

بقيت جالسة في مقعدها وبكت حتى جفت دموعها، ولكنها، للمرة الأولى، كانت تبكي لأجل نفسها، لا على وضعها. ثم قامت واتجهت نحو فراشها، حيث كانت آخر فكرة تتداول في ذهنها: إن زمن البكاء قد انتهى، هذه هي آخر مرة ستبكي فيها، وستنتظر الصباح حتى تقرر ما ستقوم به.

حين استيقظت في صباح اليوم التالي، لم تستطع تذكر بداية ما جرى في ليلة البارحة. نظرت إلى الجهة الأخرى من السرير حيث كان يتواجد شخص آخر في السابق، وفي لحظة اشتدت الحيرة في عينيها. ثم بسرعة بلمح البصر، أشاحت بوجهها عن تلك الأفكار وقامت من السرير. بينما كانت تغسل وجهها، تبدو الذكريات ملتبسة وغامضة.توجهت إلى غرفة الأولاد حيث نبهت ابنها وابنتها لاستعدادهما للذهاب إلى المدرسة. خلال إعداد فطورهما، ابتسمت لأول مرة بشكل حقيقي منذ شهور عديدة. كانت هذه الابتسامة تعكس سعادتها الحقيقية، وكأنها استعادت جزءًا منها الذي فقدته منذ وقت طويل.

بعد أن انتهت من واجبات المنزل، قررت أن تقوم بالتوضؤ وتبدل ملابسها لتؤدي صلاة الحاجة إلى الله عز وجل. في تلك الركعتين، دعته بكل خشوع وتواضع أن يمنحها الصبر ويختار لها الأفضل في حياتها. تضرعت إليه أن يمد عونه ويوجهها نحو الحكمة والتصرف الحسن في كل تحدي تواجهه.كانت تعلم جيدًا أن الله عز وجل هو المصدر الوحيد الذي يمكنها الاعتماد عليه في تغيير حياتها، ولذا كانت تلتزم بالدعاء والتفوق إلى الله في كل موقف. وبهذا، أعلنت استعدادها للانصراف عن كل شيء، والتوجه نحو الله لطلب المساعدة والتوجيه.

ثم بعد ذلك، قامت منال بالاتصال بصديقتها قائلة: "صباح الخير."ردت صديقتها بابتسامة: "صباح النور والورد والياسمين،" كأنها قد استوعبت طاقة التفاؤل التي تنبع منها.ضحكت منال ضحكة خفيفة

قالت سمر : "هل حقًا تعتبرين هذا ضحكًا حقيقيًا؟ رجاءً التقطي لنفسك صورة واحتفظي بها، لكي أتأكد فعلًا من أنك ضحكت!"ردت منال بسخرية: "حسنًا، لقد اتخذت قرارًا ليلة البارحة، وفي الحقيقة، أرغب في تنفيذه ابتداءً من اليوم، ولكنني بحاجة إلى مساعدتك."

صاحت سمر: "أنا جاهزة تماما، ماذا تريدين؟"أجابت منال: "حان وقت الانتقام."

في تلك اللحظة، بدأ الاكتئاب يظهر في صوت سمر، وقالت: "إذا كنتِ تفكرين في الانتقام، فهذا يعني أنكِ تقومين بهذه الخطة من أجله وليس من أجلكِ، وهذا لن يؤدي إلى نجاح."ضحكت منال وردت: "منذ متى أصبحتِ خبيرة في شؤون الرجال؟"

قالت سمر: "فلنتحدث بصراحة يا منال، أنا لا أريد أن تعودي لحالتك السابقة من الحزن والاكتئاب، وبما أنكِ قررتِ التغيير، فلا أريد أن يكون ما تبذلينه اليوم من أجله هو ."قاطعتها منال: "لا، ليس من أجله، بل من أجل كبريائي انا. هل قرأتِ كتاب السر؟"

ردت سمر: "لا."فقالت منال: "يقول هذا الكتاب إن ما تؤمن به في أعماقك يرسل ذبذبات إلى العالم الخارجي، فيساعدك في تحقيق ما تريد."

ضحكت سمر وقالت: " إذا سأظلُّ أردِّدُ ما أريد."قالت منال: "لا وقت لدي للسخرية، يا عزيزتي، أضعت وقتًا كافيًا، الآن أريد أن أعيش."

ردت سمر حسنًا، يا عزيزتي، وماذا يمكنني أن أفعل؟ردت بجدية: "أريد منك خلطة جيدة لتجميل للجسم ومجربة، أنتِ تهتمين بهذه الأمور كثيرًا."

"صفنت سمر وهي تفكر قليلا ، دعيني أتذكر. حسنًا، أفضل خلطة هي: علبة من الجليسرين وأخرى من الجليسوليد وماء الورد والليمون تخلطيها معًا وتضعين منها على جسدك لمدة ساعتين ثم تستحمين. ثم تعتبر هذه الخلطة مميزة للمناطق الحساسة."ضحكت منال وقالت: "لها شكرا كثيرا."

قالت سمر: "إذا كنتِ تنوين الانتقام لكبريائك، فلتتقني فن الانتقام، اجعليه يعلم ما خسر."حسنًا، الآن عزيزتي، إذا دعيني أذهب إلى السوق قبل عودة الصغار من المدرسة، سأمر على والدتي لأترك أحمد عندها، لأنني أريد أيضًا الذهاب إلى صالون التجميل.

"حسنًا، أراكِ قريبًا."

انهت المكالمة مع صديقتها، وكانت مليئة بالأمل والعزيمة. ثم قررت الاتصال بزوجها لتطلب إذنه بالذهاب. يجب عليها الالتزام بالقوانين واللعب بشكل جيد، وإلا فسيكون هناك عواقب وخيمة.

رد زوجها على المكالمة كان: "نعم، ماذا تريدين؟، أنا مشغول جدا!"ردت هي بسرعة: "لن آخذ منك وقتاً طويلاً، أنا فقط سأذهب إلى السوق وسأترك أحمد عند والدتي."كانت كل اتصالاتها في الفترة الأخيرة محاولات لتطمئن عليه أو لتستجديه أن يتذكرها. لم تكن تدرك أن هذه الحركات تجعلها تظهر كسيدة ساذجة أو غبية في نظره.ساد الصمت للحظة، ثم قال: "حسنًا، هل هناك شيء آخر؟"

ردت ببساطة: "كلا.""إذا وداعًا."

عندما عادت من السوق وهي تحمل كيسًا يحتوي على جميع الأشياء التي نصحتها بها صديقتها سمر، دخلت غرفتها ووضعتهم هناك. ثم عادت إلى المطبخ لتبدأ في إعداد طعام الغداء لأطفالها.كانت تنتظر كما لو كانت طفلة صغيرة تنتظر فتح لعبتها، وكان الانتظارحتى ينام الأطفال أمرًا صعبًا للغاية. استمرت في اتباع هذا الجدول لبقية الأسبوع، حيث تضع أطفالها في الفراش، وتضع الخلطة على جسدها لمدة ساعتين تقضيهما بالتحدث مع صديقاتها على تطبيقات الهاتف أو بالقراءة. ثم تشعل الشموع المعطرة وتملأ البانيو للاستحمام.

في اليوم الذي كان مقررًا أن يكون دورها ويأتي زوجها إليها، اتصل ليخبرها بأنه سيتأخر. غضبت لكنها حافظت على هدوئها وأظهرت لامبالاة قائلة له: "حسنًا، خذ وقتك."

عندما وصل إلى المنزل، لم تكن هناك لتستقبله كما تعتاد على القيام به في كل مرة. انتظرت حتى دخل المنزل ورحب به أطفاله. وخلال الضجة، نزلت السلم وكانت تتحدث مع صديقتها التي اتصلت بها قبل قليل وفقًا للخطة. كانت تحمل علكة في فمها وقالت لصديقتها بلامبالاة: "حسنًا صديقتي، علي أن أذهب الآن، وصل أبو أكرم." ولم تقل "زوجي".

بذلت كل جهدها حين نظرت إليه، لكي لا تظهر في عينيها أي علامات للاشتياق أو الغضب بسبب التأخير، كما لو أنها رسمت اللامبالاة في عينيها ببراعة فنية وبأسلوب مهذب. قالت له ببرودة: "كيف حالك؟"نظر إليها بدهشة، لاحظ أنها قصت شعرها بطريقة غير اعتيادية، وصبغته، وارتدت حلقًا جميلا جدا. كما قامت بتغيير ملابسها العادية إلى فيزون ضيق مع بلوزة جميلة، وأضافت ساعة في معصمها.

نظرته الثانية اليها كانت شبه ساخرة، كأنه اعتقد أن هذا التغيير هو نوع جديد من التكتيك لاستعادته.


"هذه ليس نهاية القصة، بل إنها مجرد بداية لفصل جديد من حياة منال. لمتابعة التفاصيل ومعرفة ما يحدث بعد هذه التطورات المثيرة، لا تتردد في متابعة المدونة أو صفحتنا على الفيس بوك، حيث ستجدون الفصول القادمة وتفاصيل أخرى مثيرة تكمل مسار هذه القصة المثيرة."


<><>


"في هذا الفصل الجديد، سأقودكم خلف الستار لتكتشفوا المزيد من الأسرار والمفاجآت في حياة منال. انطلقوا معي في رحلة جديدة من التشويق والتفاصيل، حيث سأبدأ الآن في سرد الفصول المثيرة التي ستكمل هذه القصة المثيرة."


الفصل الثاني : الحب والكرامة والتغيير


تنبعث منها مشاعر الاشمئزاز تجاه ذاتها، وتصعب عليها مواجهة الواقع الذي جعلت نفسها تتعرض للاستهانة والسخرية. في صمت داخلي، قالت لنفسها: "عزيزي الزوج، لقد حان الوقت الذي تغيرت فيه ميولي، لم أعد أعيش لأجلك بل أعيش الآن من أجل نفسي.
"لأول مرة، امتنعت عن المشاركة في لعب الأطفال، جالسة على الكنبة تراقبهم بابتسامات رقيقة ومحنكة. لقد تجاهلته تمامًا، وفي بعض الأحيان، خرجت من نطاق سيطرتها وألقت ببضع نظرات نحوه، ولكنها حرصت بشكل كامل على أن لا يشعر بذلك. ثم قامت وذهبت لتحضير عشاء العائلة، قائلة بحيادية: "عذرًا يا بو أكرم، سأذهب لتحضير طعام العشاء الآن، حان وقت نوم الأطفال.
"ألقى ابنها أكرم نظرة تعجب وقال: "أريد أن العب مع أبي." ردت بجدية وقالت: "أعتقد أننا اتفقنا على القوانين الجديدة، في الساعة الثامنة والنصف يجب أن يكون الجميع في سريره. سترى والدك غدًا، وهناك مدرستك. إذا أصررت على البقاء، يمكنك أن تظل حتى التاسعة، ولكن لن يكون هناك قصة قبل النوم." كان زوجها صامتًا ومتفاجئًا من مجريات الأمور، ولكنه أراد التأكد من فرض سيطرته وقال لها: "دعيه يبقى، يريد أن يلعب معي." رفعت كتفيها بلا اكتراث وقالت: "حسنًا." ثم انصرفت لتحضير عشاء العائلة.

كانت قد أعدت أصنافًا جديدة من الطعام وأهتمت بتزيين المائدة، ثم دعت الجميع لتناول العشاء. كانت تصرفاتها حيادية تمامًا، تظهر نوعًا من اللامبالاة، ولكن دون تكليف أو اصطناع. لم تكن ترغب في إثارة عداوته أو القول له بتلك التصرفات مباشرة: "أنت لست مهمًا." كانت تعمل بتدريج على نقل هذه الرسالة له، ليقتنع تدريجيًا بأنه لم يعد ذو أهمية كما كان في السابق.فقد كانت تدرك أن هذه الرسالة تحتاج إلى التدرج والتأثير بالتدريج، وأن القول بها مباشرة أو إظهارها بتصرفات فورية قد يؤدي إلى فهمها بشكل مغاير. كانت تفكر في أن هذا هو الطريق الصحيح للتعامل مع الرجال، حيث يحتاج الأمر إلى صبر وتقدير للأثر الطويل الأمد.

بعد العشاء وعندما ذهب الأطفال للنوم، قالت لهم وهم يتجهون إلى أسرّتهم وهي تضحك معهم: "هذا اليوم كان استثناءً لأن والدكم هنا. سأأتي بعد قليل لأقرأ لكم القصص." ثم انتقلت لتتناول إحدى القصص من مجموعة القصص التي كانت قد صنعت لها زاوية في غرفة جلوس العائلة، وقالت لزوجها: "عن إذنك يا بو أكرم، سأتابع قراءة القصص للصغار قبل النوم، لن أتأخر." رد عليها بسخرية: "حسنًا." ثم بدأ يتصفح تطبيقات الهاتف.

بعد قراءة القصة للصغار، ذهبت إلى المطبخ وقدمت كأسين من العصير وصحنًا من الحلوى التي صنعتها لزوجها. للمرة الأولى، لم تحاول الجلوس بجواره بل اختارت مكانًا بعيدًا عنه، ولم تسعَ في جعله يستمع إلى حديثها العادي الذي كانت تحاول به في السابق جذب انتباهه، بل انغمست في تناول طعامها ومشاهدة التلفزيون بصمت.

فيما هو معتاد، أمضى وقته يتنقل بين القنوات التلفزيونية، وكأنه يشاركها في لعبة نفسية طويلة، كما لو كان ينتظر أو يبحث عن الاستسلام من جانبها. كان يعتقد داخل نفسه أن كل ما تقوم به هي استراتيجية لجذب انتباهه، بينما كانت تعلم جيدًا أن أي انحراف صغير منها الآن سيؤكد له صحة اعتقاداته. كانت تجد صعوبة في الابتعاد عن دور الصراع المعتاد معه، أو دور الاستسلام للحب، حيث كانت دائمًا تتأرجح بين هذين الطرفين منذ زمن طويل. كان يتعين عليها أن تظل في وضع الحياد الجديد الذي اتخذته، والذي كانت تجد صعوبة في التأقلم معه، فالحياد لم يكن مألوفًا لها،

ألقى عليها بضعة أسئلة، كما قال: "كيف حالك؟" أجابت بكلمات مختصرة: "الحمد لله".
ثم حدثته بتواضع: "وأنت، كيف حالك؟ وكيف كان يوم عملك؟" أجاب بابتسامة: "بخير".
عندما حانت الساعة العاشرة، قام قائلاً: "أريد النوم، فأنا متعب من العمل طوال اليوم". نظرت إليه بتفهم وقالت: "حسنًا، كما تشاء".
مشت خلفه ودخلت بهدوء إلى غرفة النوم، وابتسمت ابتسامة ساخرة على وجهها، وهي تقول في نفسها من غير ان تنطق بحرف : "من يضحك آخرًا يضحك كثيرًا".
دخلت الغرفة وسبقته لتجهز السرير، ليجد كتابًا مفتوحًا اسمه اسرار النجاح العشرة. تركته على السرير،
أنها قد تعمدت تركه هناك، ربما لتحمل رسالة معينة. لانه لم تكن قد قرأت كتابًا منذ زواجها، حيث كانت دائمًا مشغولة بالاعتناء به ورعاية أطفالها.
فتحت خزانته واختارت له بيجاما، ووضعتها على السرير، وسألت برفق: "هل تحتاج إلى شيء قبل النوم؟" أجاب لا، فقالت: "حسنًا، لن أزعجك. سأكمل قراءة كتابي في غرفة المعيشة. تصبح على خير". رد : "وأنت من أهل الخير".

خرجت بخطوات هادئة وأغلقت الباب، وابتسمت لنفسها، لتدرك أنها قد قامت بخطوة غير تقليدية، للمرة الأولى في حياتها الزوجية.

في صباح اليوم التالي، استفاقت منال باكرًا، قبل أن يصحى زوجها، وبدأت بتحضير طعام الإفطار. قامت بإيقاظ الأطفال وتجهيزهم للذهاب إلى المدرسة بعد تناول وجبة الإفطار. خلال هذا الوقت، قامت بتغيير ملابس الصغير أحمد وإطعامه، وبعدها ، انطلق أحمد بسرعة ليوقظ والده، الذي دخل المطبخ في تلك اللحظة ووجد منال تستمع إلى الاغاني الصباحية الجميلة
قال لها: "صباح الخير". التفتت إليه بابتسامة، وردت: "صباح النور". كانت قد قامت بتغيير ملابسها، حيث ارتدت شورتًا طويلاً من الجينز وقميصًا أبيضًا. ربطت شعرها كذيل الحصان وزينت نفسها بأقراط بيضاء صغيرة. ،وللمرة الأولى لم تكن ترتدي الروب الذي اعتادت عليه في الليالي السابقة.

وضعت أمامه طبقًا مليئًا بأنواع متنوعة من المعجنات الشهية. نظرت إليه وقالت: "سيكون الشاي جاهزًا خلال دقائق، هل تريد شيئًا آخر؟" رد لا. استمرت في تحضير الشاي وفي نفس الوقت مستمتعة بالدندنة .

وانتهى الأسبوع، وذهب زوجها ليمضي الأسبوع التالي عند زوجته الأخرى. استمرت الأمور عند منال على ما هي عليه، فقد كانت واضحة من البداية  ان التغيير ليس لأجله، بل كانت تسعى للتغيير من أجل نفسها ورفع روحها.


في أحد الأيام، بعد مدة نزلت منال إلى السوق واشترت هاتفًا خلويًا جديدًا وشريحة جديدة، ثم قدمتهما لصديقتها سمر. حينها، ضحكت سمر وسألتها: "ما هذا؟"

بجدية، ردت منال: "لقد كتبت بضع حكم ستجديها محفوظة في الجهاز، أريد منك أن تبعثي لي بواحدة كل يوم، وعندما يأتي الي زوجي، أريد أن تبعثي إلي بواحدة حين أبعث لك برنة. اتفقنا؟"

نظرت سمر إليها بدون أن تفهم شيئًا وقالت: "لماذا؟"

أجابت منال: "ستفهمين لاحقًا."

في صباح اليوم الذي كان من المفترض فيه أن يأتي زوجها إلى البيت، رن هاتف منال فاسرعت إليه. كانت المتصلة صديقتها سمر، التي قالت بضحك: "هل تحلمين بي؟ إن الساعة لا تزال الثامنة صباحًا!"

ضحكت سمر وردت: "وهل جاء سي السيد؟"

"لا، لن يأتي قبل المساء."

"حسنًا، افتحي لي الباب."

"وأين أنت؟"

"أمام بيتك."

أغلقت منال الهاتف واسرعت لتفتح الباب، فإذا بصديقتها أمامها. قالت منال بخوف: "سمر، ماذا هناك؟"

قهقهت سمر وقالت: "لا تخافي، إنه شيء مهم، ولكن لم أعرف متى سيأتي زوجك، لذا كان علي أن أحضره في أبكر وقت ممكن."

"تحضرينه؟" ثم نظرت إلى الكيس الذي تحمله صديقتها: "ما هذا؟"

"إنه قشر رمان وبجامة، من المفترض أن تكون للأطفال ولكنها بحجم يناسبك."

ضحكت منال: "وماذا أفعل بهذه الأشياء؟"

قالت سمر: "في الحقيقة، هذا أهم شيء في خطتك، يا عزيزتي، شيء لم يخطر ببالك حساب حسابه."

"وضحي." قالت منال

قالت سمر "عليكِ أن تغلي قشر الرمان هذا وتصفيه، ثم تضعينه في مرش. وتستعمليه قبل أن يقربكِ بعشر دقائق."

حدقت منال بها دون أن تفهم شيئًا، فقالت سمر: "يا للغباء! إنها وصفة تضييق يا مدام!!؟"

ضحكت منال حتى شعرت بألم في معدتها من كثرة الضحك. أمسكت سمر يد منال ثم وضعتها على الكيس وقالت: "انطلقي الآن، ولكن لا تنسي معروفي، هذا ستشكريني عليه بالتأكيد."

عندما وصل زوجها إلى المنزل، كانت تلعب مع أطفالها العاب تشبه العاب الرياضية . وكانت ترتدي بنطال جينز ضيق وبلوزة رياضية وحذاء رياضي. قد ربطت شعرها على شكل ذيل حصان ووضعت عصبة على جبينها. لمحت زوجها داخلًا، ولكنها تجاهلته كما لو لم تره.

ثم رأى الأطفال زوجها فركضوا باتجاهه، يصرخون: "جاء أبي، جاء أبي!"
انقطعت منال عن اللعب واستدارت باتجاهه، وفي عينيها خوف خبأته عن عيونه جيدًا. حاولت مسح أي تعابير من عينيها بكل ما استطاعت من قوة، وظلت تبدي اللامبالاة. كانت عيناها تقول: "لم يعد هناك فرق بين أن تكون هنا أو هناك"، وكانت شبه متأكدة من أنه فهم الرسالة.

يا لها من عملية صعبة أن نعلم عيوننا الكذب، ولكن من أجلها، ومن أجل أطفالها، ومن أجل مستقبلها، يجب أن تكون قادرة على فعل ذلك.


"أنت الآن شاهدت الفصل الثاني. هل تود معرفة المزيد؟ هل ترغب في متابعة القصة ؟ اضغط على زر التالي وشاركنا تعليقك.نحن نحتاج إلى تعليقاتك وتعبيرك، وربما تكون أنت الشخص الذي يمنح الأمل لمن يحتاجون إليه. ولا تنسى متابعتنا على صفحتنا على فيسبوك لتكون جزءًا من هذه المجتمع الرائع. نحن بانتظارك!"

<><>



الفصل الثالث : الشك والقرب


عليها أن تكون على دراية جيدة بكيفية التحدث معه، وأن تتجنب الغرق في دوامات عواطفها المليئة بالتوتر والضياع والغضب. كما عليها أن تشارك في لعب الأطفال، في حين تحافظ على انفصالها العاطفي. وبينما يتحدث طفلها الشقي إلى والده بلغة خاصة. كانت تراقبهم بتركيز، ورغم أنها كانت تتجاهل زوجها سابقًا، إلا أنها هذه المرة قد وجّهت إليه بعض النظرات، والتقت اعينهم ببعض مرة او مرتين .

بعد تناول العائلة للطعام، كان زوجها يلهو مرة أخرى مع أطفاله داخل المنزل. قامت هي بإرسال رسالة إلى صديقتها كما اتفقتا، وبعد لحظات وصلت رسالة إليها. ابتسمت برقة عند قراءتها، دون الحاجة إلى النظر إلى زوجها، إذ كانت تعلم بأنه يراقبها. الرنة التي اختارتها للرسائل كانت كافية لتجعل الجيران ايضا يعلمو أن هناك رسالة قد وصلت

خلال الثلاثة أيام التالية، كانت تتلقى رسائل في الوقت الذي يكون فيه زوجها بجانبها. كانت تقوم بفتح الرسالة وقراءتها بابتسامة خفيفة، ثم تلتفت إلى التلفاز كما لو أنها لا تُعنى بها. تجمعت بضع رسائل في صندوق البريد الوارد لها، وكانت تحمل حكمًا يوميًا، كما يلي:

1. "حكمة اليوم يا جميلة: ابتسم، فهناك غدٌ جميل بانتظارك."
2. "حكمة اليوم يا أميرة: السر لا يكمن في أنني ذكي، السر يكمن في أنني لا أستسلم بسهولة."
3. "حكمة اليوم يا رائعة: انسَ نفسك وابدأ بالعمل."
4. "حكمة اليوم يا رقيقة: لا يُقاس النجاح بما حققناه، بل يُقاس بالمصاعب التي تغلبنا عليها."
5. "حكمة اليوم يا جريئة: أنتِ التي تحددين أهمية من حولك بالنسبة لك، فتأكدي من عدم إعطاء أي أهمية لمن يستطيع جرحك دون أن يرف له جفن."
6. "حكمة اليوم يا مبدعة: أنت أولًا.. أنت ثانيًا.. أنت أخيرًا."

في اليوم الرابع، وأثناء جلوسها مساءً مع زوجها، قررت إرسال برنة لصديقتها. لم يمر وقت طويل حتى وصلت رسالة جديدة تحمل حكمة اليوم:

"حكمة اليوم يا دلوعة: كوني أنثى بكل ما للكلمة من معنى، حتى يكون لك رجل بكل ما للكلمة من معنى."

ابتسمت هي كالعادة، بابتسامة صامتة تكاد تكون مخفية، ثم مسحت رقم صديقتها من سجل المكالمات الصادرة، كي لا يرى زوجها سجل المكالمات ويكتشف أنها هي التي بعثت برنة أولاً.

وفيما بعد، وضعت جوالها أمامها على الطاولة، ثم قامت وقالت لزوجها: "سأذهب لأعمل فنجانين من القهوة، هل ترغب في شيء آخر؟" نظر إليها وأجاب: "لا." بدأت تلمح إلى تغيّر في تعابير عينيه، حيث انتقلت من السخرية إلى نوع من الفضول الممتزج بالشك.

غادرت الغرفة وتوجهت إلى المطبخ، حيث قامت بوضع وعاء القهوة على النار. عادت ببطء لتجد زوجها يفحص جواله. ابتسمت قليلاً وعادت مرة أخرى إلى المطبخ لتكمل تحضير القهوة.

عندما عادت بفنجان القهوة، لاحظت أنه يلقي عليها نظرات غريبة، فضولية ومشبعة بالشك. جلست قليلاً ثم قدمت له فنجان القهوة، وكانت على وشك أن تطلب منه الإذن للتسجيل في دورة لتعلم اللغة الإنجليزية. ولكن في اللحظة الأخيرة، تراجعت عن هذا القرار. أدركت أنه الآن في مرحلة من الشك، ربما اعتقد أن هذه الرسائل تأتي من رجل آخر، ولو طلبت منه أي شيء الآن، ربما كان سيرفض.

نهض وتوجه للفراش للنوم، وككل ليلة من الليالي السابقة، حضرت هي سريره وسألته إذا كان يحتاج إلى شيء.

في بداية الليلة، كانت تشعر بأنه يرغب في وجودها، ولكن الآن كان مشغولًا بموضوع الرسائل التي تصله. فأجابها قائلاً: "لا".

ردت عليه قائلة: "إذا لن أزعجك، سأذهب لأكمل قراءة كتابي." وغادرت الغرفة.

عندما غادر زوجها المنزل في اليوم التالي، قامت هي بالاتصال بصديقتها مباشرة وقالت لها: "حسناً، لقد قرأ الرسائل."

ضحكت سمر قليلاً وقالت: "إذا هل برأيك سيتصل من رقم مجهول؟ أعني، هل تعتقدين أنه احتفظ برقم هاتفي؟"

أجابت منال: "نعم، أنا متأكدة من ذلك." بعد بضع ساعات، اتصلت سمر بها وهي تضحك: "لقد اتصل!"

صاحت منال بحب وثقة بالنفس: "رائع، وماذا حدث؟"

أجابت سمر: "ادعى أنه قد اخطا بالرقم وكان يريد الاتصال بصديق له وهكذا وقلت له اذا مع السلامة ."

قالت منال: "ممتاز!"

أغلقت الهاتف واستمرت في استكمال يومها بشكل طبيعي.

عندما عاد زوجها في المساء، لاحظت نظراته إليها غريبة ومليئة بالفضول، كما لم ترَها في عيونه من قبل. لكنه لم يقل أي شيء. في ذلك اليوم، قررت أن تتخلى عن "عالموضة" التي اعتادت عليها، واختارت أن ترتدي البجامة التي جلبتها لها صديقتها. كان هذا الاختيار يظهرها أصغر سنًا وأكثر براءة وجمالًا.

تغيرت تمامًا، كأنها أصبحت أنثى مختلفة. حتى هي لاحظت التغيير الذي حدث لها. شعرت بنفسها أكثر شبابًا وحيويةً وجمالًا ورقة. أدركت أنها عادت إلى حالة الطفولة، حيث لا تشغلها هموم الحياة ومشاكلها. فرحت كثيرًا لأن خطتها بدأت تؤتي ثمارها بشكل إيجابي. بدأت فعلياً تشعر بتغيير في شخصيتها، وباتت تهتم بما تقرأ، وتشعر بأنوثتها وجمال ملابسها.

بدأ يظهر أن تأثير البجامة وصل إلى زوجها، حيث نظر إليها بدهشة. لو كانت قد ارتدت هذه البجامة في السابق، ربما كان رد فعله سيكون بالسخرية، وكانت تتوقع أن يقول لها: "هل عدتِ طفلة؟"

لكن رد فعله كان مختلفًا، حيث أظهرت عيناه التعجب والدهشة، مع بقايا طفيفة من السخرية، كما لو أنه لم يصدق بعد أنها كانت تفعل ذلك لأجلها نفسها، وليس فقط لأجله. وفي نفسها، قالت لنفسها: "انتظر لترى يا زوجي العزيز."

ومرة أخرى، خلال السهرة، وتنفيذًا لخطة أخرى اتفقت عليها مع صديقتها سمر، قامت منال بإرسال برنة لها. بعد بضع دقائق، اتصلت سمر من الهاتف الذي اشترته لها منال، وقالت: "أنا آسفة لم أرَ أنك اتصلت بي ربما كنت مشغولة مع أطفالي ولم أنتبه."

ردت منال بابتسامة قائلة: "أجل، لقد اتصلت بك عصرًا ولم تردي، ولكن لا مشكلة حبيبتي، كيف حالك؟"

قالت سمر وهي تضحك بخفة: "الحمد لله، اشتقت لك، لم نرَ بعضنا منذ مدة!"

ردت منال: "أجل، وأنا اشتقت إليكِ روحي."

سألت سمر بلهجة مدروسة: "هل كنتِ تريدين شيئًا مني؟"

ردت منال، كأنها نسيت الموضوع الذي كانت قد اتصلت من أجله: "آه، تذكرت، لقد انتهيت الكتاب الذي أحضرته لي، وكنت أريد أن أسألك إن كان لديك كتبًا أخرى له، ثم إني وددت أن أسألك إن كان لك كتب لطارق السويدان، والدكتور خليفة السويدي؟"
كانت تظهر منال واثقة من نفسها، تعرف تمامًا ما الذي تتحدث عنه، وتدرك تمامًا ما تريد.

ردت سمر: "نعم، لدي بضعة كتب أخرى لإبراهيم الفقي ولكنني لم أشترِ بعد كتبًا للآخرين. سأشتري قريبًا، هل أحضر لك الكتب إن مررت بك؟"

أجابت منال: "أجل من فضلك! ولكن لتكن كتابًا واحدًا، لا أريد أن تتشتت أفكاري."

انهت المكالمة، وسألها زوجها بتصنع اللامبالاة: "من صديقتك هذه؟"

ردت له: "هي صديقة جديدة تعرفت عليها مؤخرًا، كانت تزور أختي حيث التقيتها."

هز برأسه ثم سكت وعاد ليشاهد التلفاز، وصمتت هي أيضًا. بعد قليل، قالت له: "آه حبيبي تذكرت، كنت أريد مفاتحتك بموضوع."

قال دون أن يلتفت إليها: "ماذا؟"

قالت له: "حسنًا." صنعت التردد حتى التفت اليها، ثم قالت: "أريد أن آخذ دورة في اللغة الإنجليزية."

قال لها: "ولماذا تحتاجين إليها؟"

قالت: "من أجلي، لدي وقت فراغ كبير، ثم إنني أحتاج إليها لأجل الصغار، لا أريد أن أقصر في تدريسهم!"

سكت قليلاً ثم قال: "وأحمد؟"

ردت منال: "سأتركه عند والدتي أو والدتك إذا قبلت."

عاد وقال: "وأين ستأخذين هذه الدورة التي تتحدثين عنها؟"

أجابت: "هناك نادي نسائي قريب من هنا يقدم الدورات!؟"

قال: "حسنًا، وما المطلوب مني؟"

أجابت: "لا أعرف كم رسوم الدورة، سأسأل عنها ثم أخبرك."

تردد قليلاً ثم قال: "حسنًا."

للمرة الأولى منذ تنفيذ الخطة، اقتربت منه بتردد مصطنع وقبلته على وجنته، ثم قالت: "شكرًا لك حبيبي!"

بدا وكأنه تفاجأ، استنشق عبير العطر المبخر الذي كانت تستخدمه، وكانت تبدو لمن يراها غاية في الرقة والبراءة. ابتعدت عنه مبتسمة وعادت لتشاهد التلفاز، وهي تلعب بخصلة من شعرها المفرود. تارة تلويها وتارة تضعها في فمها كالبنات الصغيرات وهي تبتسم.

كانت تمارس هذه الحركات مئات بل آلاف المرات حتى تظهر بشكل طبيعي، دون أي اصطناع أو مبالغة، حتى أصبحت تتقنها. كانت كل خطوة في خطتها تهدف إلى أن يكون كل شيئ بشكل طبيعي لأجل نفسها أولاً ومن ثم للآخرين.

تلك الليلة كانت المرة الوحيدة التي لم يذهب فيها للنوم، متعبًا ومتعذرًا بالتعب. ظل ساهرًا، وبدا وكأنه يرغب في شيء لم يكن يعرف كيف يطلبه أو كيف يوجه كلامه إلى هذه المخلوقة الجديدة أمامه. بينما كانت هي تحاول بشدة أن تظهر طبيعية وتلقائية، لم تكن تريد أن تظهر كممثلة فاشلة، إذ أي حركة خاطئة من جانبها قد ترجعها إلى نقطة الصفر.

نهضت وقالت: "حبيبي، أنا آسفة ولكنني متعبة، لقد نظفت جميع البيت اليوم، ولم أعد أستطيع أن أفتح عينيَّ" وقدمت له ابتسامة بريئة.

رد مسرعًا: "وأنا كذلك، سأخلد للنوم."

مشت أمامه إلى الغرفة ثم وضعت الغطاء على السرير واتجهت نحو الحمام حيث استخدمت الماء المصفى من قشور الرمان المغلي، تمامًا كما قالت لها صديقتها. نظفت أسنانها وعادت إلى الغرفة.

كان زوجها نائمًا على السرير وقد وضع يديه تحت رأسه، بدا وكأن شيئًا ما يؤرقه. تجنبت النظر إليه ووقفت أمام المرآة بكل براءة، ومشطت أطراف شعرها ثم خلعت سلسلة رقيقة كانت ترتديها على عنقها واتجهت نحو السرير.

حينما امتدت على السرير ونامت على جنبها لتنظر إليه، سكتت قليلاً ثم قالت شيئًا مضحكًا، كما لو أنها لا تعي الحرب النفسية التي يمر بها زوجها. وضعت يدها تحت خدها وقالت: "كيف هي أمورك حبيبي؟ لم أسألك اليوم."

لكنه نظر إليها بنظرة رومانسية قديمة، واقترب منها بهدوء، وفعل ما يفعله الزوج مع زوجته عادةً. ونجحت أول خططها، حيث اقترب منها تلك الليلة.

لا تفوت الفصول القادمة، انقر على كلمة "التالي" وشاركنا تعليقاتك وافكارك . وللمزيد من القصص والروايات والتحديثات، لا تنسى متابعتنا على صفحتنا في فيسبوك.

<><>



الفصل الرابع : التحول العجيب

في صباح اليوم التالي، استيقظت باكراً واتجهت نحو المطبخ لتخبز بعض المعجنات. كونه يوم عطلة، قررت ترك الأطفال الصغار نائمين والاستفادة من الصباح بممارسة بعض التمارين الرياضية لتليين جسدها. عندما استيقظ أحمد، الطفل الأصغر، قامت بغسل وجهه ويديه وتغيير ملابسه. ثم قضوا وقتهم يلعبون في الصالة، حيث انضم الطفلان الآخران قريبًا ليقضوا معًا بعض الوقت في اللعب.

أعدت لهم الفطور وتناولت الفطور معهم ، ثم عاودوا اللعب معًا مرة أخرى. جلست على السجادة في الصالة، حيث كانت تقوم ببناء قلعة من قطع "الليغو" مع اطفالها. وأكرم وطفلتها سارة جالسون يراقبونها، وكانت في يد كل طفل قطعة يقومون بتركيبها بشغف وابتسامة على وجوههم.

كانت الساعة العاشرة صباحًا عندما استيقظ زوجها ووجد الأطفال وهي متسلية معهم على الأرض. قال بابتسامة: "صباح الخير". كانت شعرها يتساقط على وجهها وهي جالسة على الأرض وتضحك مع أطفالها. "دورك يا أحمد، أي لون تختار؟" صاح الصغير قائلًا: "بابا، إلعب معنا". أجابته وهي تبتسم: "صباح النور".

 حيث تبادلوا الأدوار.  قامت هي بالنهوض وقالت: "سأحضر لك طعام الفطور، لاننا نحن قد تناولنا الطعام ولم نكن نريد ان نزعجك ". أجاب زوجها ببساطة قائلاً: "حسنًا".

صنعت له صينية مرتبة مليئة بالمعجنات الجميلة وكوب من العصير. وطلبت من أولادها ان يطلبوا من الزوج أن يأخذهم إلى أحد المتنزهات، ووافق الزوج على ذلك ثم ذهبت هي لتغيير ثيابها.

اخذوا الأطفال إلى أحد المتنزهات حيث استمتع الأطفال في المتنزه بلعب الألعاب، في حين جلست هي بجوار زوجها. تحدثوا عن مواضيع متنوعة، واعتمدت على استراتيجية الصمت في تفاعلها معه. في السابق، كانت تحاول استخراج الكلام منه، ولكن اليوم كان هو الذي يحادثها ويطلب منها إجاباتها عن أسئلته حول الحياة. كانت تجيب بإيجاز وابتسامة صادقة وتبقى هادئة.

قالت له: "سأذهب لألعب مع الأطفال". وبينما هي تستمتع بلعبها مع الأطفال، ظل هو يراقبهم من بعيد. لقد استعادت حقا براءتها بشكل حقيقي، مما جعلها تظهر وكأنها تعيش لنفسها ببراءة وأنوثة.

كانت تتمنى بشدة أن تلتفت إليه لترى ماذا يفعل، وفي كل مرة تكرر في نفسها "تجاهليه، تجاهليه تمامًا". ثم قررت أن ترفع نظرها نحوه، منحته نظرة مفعمة بالأنوثة ، جعلت عينيها تلمعان وكأنهما يقولان له: "نعم، أنا هنا، أنا الزوجة التي أصابتها الجروح، وأنا التي تخلصت من عقدة الانتماء إليك إلى درجة يمكنني فيها التحكم في تعابير عيني. هل تستطيع رؤية هذه الأنوثة؟"

انقضى الأسبوع وغادر زوجها إلى زوجته الأخرى. كان إحساسها بالسكينة والسلام أمرًا جميلاً، كأنما قد تصالحت مع ذاتها. أمامها الكثير في هذا الأسبوع؛ ستقرأ كتابًا جديدًا في بناء الشخصية، وستقضي وقتًا إضافيًا مع أطفالها. وكانت قد وعدتهم بالذهاب إلى المكتبة لشراء مجموعة جديدة من القصص. سوف 
تزور أسرتها أيضًا ، وتتطلع إلى تجارب جديدة وممتعة في هذا الأسبوع. كم هو شعور رائع أن لا يعود تفكيرها المحبط بشأن زوجها وزوجته الثانية مسيطرًا على أفكارها.

كل ما فعلته كان مجرد أمور بسيطة كان يجب أن تقوم بها منذ فترة طويلة، ولكن طبيعة النساء تتسم بقلة الصبر. ما فعلته كان يتطلب الوقت والتفاني ليصبح جزءًا من حياتها. اعتمدت على عادات إيجابية جديدة، بدءًا من ممارسة الرياضة وانشغالها بطهي أصناف جديدة من الطعام والحلويات اللذيذة، وصولاً إلى قراءة كتب مفيدة، وقضاء وقت مميز مع أولادها، والخروج إلى السوق مع صديقاتها. كانت الحياة تبتسم لها بشكل لا يصدق. حينما فكرت في كل هذا، ضحكت بصوت عالٍ، أخيرًا فكرت بقائمة من الأشياء التي لم يكن زوجي على رأس الأولويات فيها.

وبالطبع، استمر تطبيق كل شيء من البداية حتى النهاية، بدءًا من تنظيم وقت الأطفال إلى استلام رسائل محفزة يوميًا، حيث تعتبر هذه الرسائل تحفيزا لاجلها هي. وعندما وصل إلى المنزل في بداية أسبوعها الخاص بها، وجد زوجته أنها تجلس مع أطفالها يشاهدون أفلام الكرتون، وكان أحمد يجلس في حجرها. كانت اللحظة جميلة ومؤثرة تدخل إلى قلب، كما لو كانوا عائلة مثالية لا ينقصها شيء. رفعت رأسها لتجده أمامها، فأمسكت بطفلها ونهضت.

قال: "السلام عليكم".

ركض الأولاد ليرحبوا به، فابتسم في وجوههم واحتضنهم وقبل وجوههم.

قال أكرم: "لقد نلت علامة كاملة في امتحان الرياضيات يا بابا". وقالت سارة: "وأنا وضعت لي معلمتي نجمة على جبهتي اليوم وطلبت من الجميع أن يصفق لي".

حتى أولادهم بدأوا يجمعون في تصرفاتهم ما بين البراءة والرقي، أما هي فكانت ترتدي اليوم ملابسًا جريئةً، شورتًا قصيرا وتكنزة بدون اكمام بالكاد تصل إلى خصرها ووضعت وشمًا على ذراعها وارتدت خلخالًا في قدمها. كانت تنبعث منها الأنوثة بشكل واضح 

اقتربت منه لتسلم عليه، وفي لحظة ترددت حول كيفية التحية؛ هل تقبله على خده؟ أم تسلم عليه بيدها فقط؟ ابتسمت بخفة وقدمت له يدها قائلةً: "اهلا". أنقذها أحمد حين انحنى لأبيه، فاخذه ابيه وبدأ يلاعبه.

جلسوا معًا حتى حان موعد نوم الصغار، وفي تلك اللحظة، قال أكرم لأبيه: "بابا، أريد أن تقرأ لنا أنت القصة الليلة" قال له: "حسنًا" وذهب مع الأطفال وقرا لهم بعض القصص القديمة التي يعرفها ثم عاد الى الصالة .


حين عاد، وجدها تشاهد التلفاز. جلس إلى جوارها وسألها كيف كان أسبوعها وهل حدث شيء جديد معها في الأيام الماضية. كانت تجيبه بجدية، مشيرة إلى أنها كانت تحضّر للدورة التي اشتركت فيها.

قررت أن تجمع حديثها بين الجد والهزل، وذكرت بعض المواقف الطريفة التي حدثت أثناء الدورة، لكنها كانت تظهر كعالمة محنكة أثناء حديثها. لم تتباهَ أمامه كالأطفال الذين يتفاخرون بإنجازهم كما لو كانوا قد حققوا معجزة، بل كانت تتحدث بمنطقية وتخبره بأنها قد تقدمت بشكل جيد. حين ذهبوا إلى النوم، كانت قد وضعت دفترا مميز الشكل جوار سريرها فتعمدت اخذه ووضعه في الخزانة أمامه، ومن ثم خلدوا إلى النوم.

كانت في اليوم التالي قد وضعت الدفتر تحت وسادتها بحيث يكون طرفه موجهًا نحو الجهة التي ينام عليها زوجها، كما وضعت جواره قلمًا، وتأكدت من أن زوجها سيرى ذلك، مع الحرص على ألا يظهر وضعه كمقصود.

كانت قد اشترت الدفتر في الأيام الماضية وكتبت فيه على بعض الصفحات ما يلي: "أنا متعبة جداً، وأكره جميع الناس. ماذا فعلت لكي يكون نصيبي في الحياة هكذا؟ بماذا قصرت في حقه ليتزوج علي؟" ووضعت تحت الكتابة تاريخ قديم اي بعد شهر بعد زواجه.

في الصفحة التالية، كتبت: "يأتي هنا وأنا أشعر به كأنه يؤدي واجبًا مفروضًا عليه، يجرحني بكلام ودون كلام، وأنا التي كنت أحبه أكثر من روحي. ماذا فعلت له تلك؟ هل سحرته؟ لقد مللت من هذه الحياة، وكم أتمنى الموت." وقد وضعت تاريخًا آخر قريبًا من التاريخ السابق.

وبضع صفحات أخرى تحمل معنى الكلام ذاته من الملل واليأس والإحباط.

ثم في آخر صفحتين كتبت التالي

"اليوم أشعر بسعادة غامرة لم أشعر بها منذ مدة طويلة. في البداية، كان قلبي مليئًا بالحب، ثم أصبح قلبي مليئًا بالألم والكراهية، ثم أصبح مليئًا باللامبالاة، واليوم اصبح ينبض بالكرامة."

ووضعت تاريخ اتصال سمر لها.

في الصفحة الأخيرة:

"لقد استعدت ذاتي، بل أنا الآن امرأة جميلة، مبدعة، رائعة، واثقة، ذكية، راقية، متجددة. أشعر بالفخر بنفسي، لقد أنجزت في أسابيع قليلة ما لم أنجزه في سنوات بسبب إرادتي.

الآن أنا امرأة قوية، وأم رائعة، جميلة هي الحياة، جميلة جداً، وجميل أن لا يستطيع الحب أيذاءنا بعد اليوم."

ووضعت تاريخ اليوم الذي هم فيه.

عندما ذهب زوجها للنوم، وجدت فرصة لتبتعد لبضع دقائق ثم عادت إلى الغرفة. ومن مكان الدفتر عرفت أنه قد قرأه.

الآن، قد أعلنت عليه تحديًا صريحًا يمس رجولته في الصميم. بطريقة غير مباشرة، قالت له أنت لم تعد تؤثر فيّ، لا بالحب ولا بالكراهية، لا بالإحسان ولا بالإيذاء.

بالرغم من أنها تعلمت أن العلاقة تحتاج إلى تفاهم وتواصل. كان يجب عليه أن يبدأ بالخطوة الأولى لتكون هي قادرة على المتابعة بالخطوة التالية. كان ينبغي عليها أن تتعلم كيف تحول نزعة الكبرياء والكرامة في تصرفاته إلى نزعة من الحب والاهتمام تجاهها. أرادت أن يكون للعلاقة أساس من التفاهم والاحترام، وأن يكونوا شركاء يعملون معًا لتحقيق توازن إيجابي.

في صباح اليوم التالي، لاحظت أن نظراته إليها كانت غريبة. أما هي، فظلت على ماهي عليه ، تتصرف كما لو أن شيئًا لم يحدث. شعرت في لحظات كثيرة بأنه يرغب في قول شيء، وكان يتراجع في اللحظة الأخيرة، ثم خرج إلى عمله.

وفي الساعة العاشرة، اتصلت بها سمر وسألتها إن كانت تستطيع الخروج معها لشرب كأس من العصير والتسوق. ردت منال بأنها ستتصل بزوجها لتخبره وترى ما اذا كان سوف يسمح لها ام لا .

اتصلت به ورد عليها قائلاً: "الو."

ردت بصوت لطيف: "مرحبًا يا بو أكرم، آسفة على إزعاجك!"

قال: "هل هناك أمر ما؟"

أجابت: "اتصلت بي صديقتي وتريد أن نخرج إلى السوق."

قال: "هل ستتأخرين؟"

لأول مرة يسألها هذا السؤال، كان إما يرفض مباشرة أو يوافق.

أجابت: "لا، لن أتأخر، لكني مللت من الجلوس في البيت وأريد الترفيه عن نفسي."

قال لها: "حسنًا، هل تريدين نقودًا؟"

كانت هذه أيضًا المرة الأولى التي يسأل فيها هذا السؤال. حاولت إخفاء ردة فعلها، ولكنها أدركت أنه يريد إسعادها. قالت بدلالة: "نعم."

ثم تابعت في القول: "هل ستتأخر اليوم؟"

قال: "لا أعرف، هناك كثير من العمل، ولكن لا أظن أنني سأتأخر."

قالت: "حسنًا، أراك مساءً، اعتن بنفسك."

التقت بصديقتها وذهبا لتناول العصير.

سألت سمر: "كيف استطعت تحقيق كل هذا التأثير خلال هذه الفترة البسيطة؟"

ردت منال بابتسامة عريضة: "يا صديقتي، صدقيني، لم يكن هذا الأمر سهلاً مطلقاً. في كثير من الأحيان، لم أكن أعرف كيف أتصرف. لقد تعودت في الماضي على اختيار اللون الأسود أو الأبيض، إما أن نكون متصالحين أو متشاجرين. تعلمت بصعوبة كبيرة أن أختار اللون الرمادي، أي أن أكون لامبالية، أي أن أقوم بواجباتي بابتسامة على شفتي دون أن يتصاعد إليها أي انفعال، كما لو كنت امرأة غريبة تؤدي ما عليها وتظل بعيدة.

أرى الآن كم كنت ساذجة بفرض نفسي عليه. كنت ككتاب مفتوح قد قرأ ما فيه حتى مللته. أما الآن، إنني ألعب بكرامته وعنجهيته. إن اللامبالاة، يا صديقتي، هي أكبر إهانة يتعرض لها غرور الرجل. هل تصدقين أن ذلك يؤثر فيه أكثر من لو انك أطلقت عليه رصاصة وسط رأسه."

ذلك اليوم حين عاد زوجها من العمل، كانت مصممة على أن ترى نتيجة ولو كانت ضئيلة. ذهبت لاستقباله عند الباب وهي تحمل صغيرها، وجربت الجرأة بتقبيله على خده. في كل مرة كانت تكتفي بالسلام فقط، لأنها عندما كانت تحاول تقبيله، كان يتهرب ولا يرد لها القبلة كما لو كانت لم تفعل شيئًا.

ولكن في تلك اللحظة، رد عليها القبلة وقبلها، وكأنها فازت بجائزة كبيرة. ولكنها أخفت ردة فعلها فورًا، وتشغلت بالحديث والمزاح مع الصغير. بعد أن اغتسل زوجها وجلس، قالت له بتردد: "حبيبي!"

نظر إليها قائلاً: "نعم؟"

ردت له بلطف: "أحب أن نخرج لتناول العشاء خارجاً."

سكت قليلاً ثم قال: "حسنًا، والأولاد؟"

قالت: "استطيع أن آخذهم إلى بيت والدي، فغداً عطلة."

قال: "حسنًا."

خرجوا لتناول العشاء في إحدى المطاعم. بدأت تحدثه عن الكتب التي تقرأها بلهجة مثقفة وواعية، وسألته عن رأيه في بعض الأمور. تحدثت معه عن عمله وعن بعض القضايا السياسية، حرصت على أن لا تظهر وكأنها تلقي مجرد معلومات حفظتها كطالبة في المدرسة. كان الحوار راقيًا وممتعًا، وهو شيء لم يتشاركوه منذ زواجهما.

انتهوا من تناول الطعام، فطلب هو فنجان القهوة، وقررت هي متعمدة أن تطلب كوبًا من عصير الفراولة  ثم وضعت القصبة على شفتيها، أمالت رأسها قليلاً، ونظرت إليه بنظرة إغواء ووجهت إليه ابتسامة مثيرة.

حدق بها وقال: "ماذا؟"

ردت: "لقد جعلتني سعيدة اليوم"

ثم عضت على شفتها السفليّة بحركة إغراء مقصودة وأضافت: "أفكر في أن أهديك نفسي الليلة"

، ثم قدمت ملامح الخجل وابتسمت وحولت بصرها عنه.

عندما عادوا إلى المنزل، جلس هو على الاريكة في الصالة، بينما ذهبت إلى غرفتهما وخلعت عباءتها، ثم عادت إليه. كان جالسًا مشغولًا بالتلفاز، لم تستطع المقاومة فاقتربت منه رويداً رويداً من الخلف ووضعت يدها برفق على كتفه، واقتربت من أذنه اليسرى برفق وهمست: "هل تريد هديتك؟"

وصلت إلى غرفتها وقلبها ينبض بشدة. شعرت بأنوثتها بطريقة لم تشعر بها من قبل في حياتها كلها. حتى عندما بدأت تنفذ هذه الخطة، لم تعتقد أنها ستشعر بهذه الأحاسيس في صدرها.

أخرجت قميص النوم الذي اشترته مسبقًا وهي تخطط لهذه الليلة. و
كانت ليلة سعيدة، حيث تجرأت وحاولت أن تفعل كل ما كان يطلبه منها من قبل، وتجاوزت حاجز الخجل.


<><>




الفصل الاخير: النهاية 


بينما هم كانو في السرير وبعدما انتهو من العلاقة الزوجية الجميلة التي كانت من اجمل الليالي ولم يعيشوا مثلها حتى في يوم زفافهم 

قال لها: "لم لم تكوني هكذا من قبل؟" 

ابتسمت بنعومة فائقة وقالت: "كنت مشغولة؟" 

سألها : "بمن؟" 

أجابت: "بك وبالأولاد؟" 

رد عليها بتساؤل: "والآن؟" 

أجابت: "الآن أنا مشغولة بنفسي."

ثم قالت له بدلع: "دعك الآن من هذا الكلام وأخبرني ما رأيك بهذه المتعة اليوم؟" 

رد ببعض المزاح وهو يتقصد فقط أن يغضبها لا بأس جيد نوعا ما،

لكنها لم تعطه انتباهًا وقالت بغضب مصتنع او بسخرية: "وهل تظن بأنك ستحصل على هديتك مرة أخرى؟" 

أمسك بمعصميها بيد واحدة فوق رأسها وقال: "نعم وسوف اصحح لك ما قلتي انني سوف احصل عليه مرات أخرى وليس مرة واحدة ." 

قالت وهي تنظر إلى عينيه: "حسناً سنرى!" 

قال ويرد نظرتها: "كوني لذيذة هكذا دائماً وسترين." 

أفلتت يديها منه وهمست برقة: "هل أوقظك مبكراً غداً؟" 

رد: "هل تريدين التخلص مني بسرعة؟" 

ضحكت ثم قالت: "انتهى الأسبوع الخاص بي، وايضا يجب علي أن أذهب لأجلب الصغار!"

قال: "كلا، لا أريد أن استيقظ مبكراً!" انتظرت حتى خلد إلى النوم، ثم أخرجت دفترها الخاص وكتبت: "كانت ليلة جميلة، استحقها. كانت رومانسية لدرجة لم أعتد عليها!"

وضعت القلم داخل الدفتر، ثم وضعته جانب السرير. في صباح اليوم التالي، وجدها تقرأ عند النافذة. قال: "صباح الخير." رفعت رأسها وابتسمت، لقد أصبح قربها فقبّلته برفق على خده وقالت: "صباح النور." ثم طبع قبلة دافئة على خدها وجلس. جلست هي أيضًا ثم أغلقت كتابها ووضعته جانبًا. قالت بنعومة: "تبدو مشرقاً هذا الصباح." قال بخبث: "طبعاً، يجب أن أكون كذلك. لقد تلقيت هدية مميزة الليلة الماضية."

لم تتوقع رده، اصبح خديها بلون أحمر ونظرت إلى الأرض. ثم قالت: "سأنهض لأعد لك إفطارك، وبعد أن نفطر سأذهب لأحضر الأولاد!" ثم قال: "حسناً." تناولوا الإفطار ورافقها لاحضار الأولاد. في تلك اللحظة التي كان سيغادر فيها، اقتربت منه  ثم أمسكت رأسه بيدها وجذبته إليها، وقبلت جبينه بقبلة عميقة ودافئة، وهمست له: "سوف تشتاق لي."

رد قائلاً: "ألن تشتاقين أنتي لي؟" ردت بتحدي: "ربما، من يدري؟ ربما إذا سألت عني، سأشتاق إليك."

بعد أسابيع من التحول العجيب، كان زوجها يلاحظ التغييرات الكبيرة فيها. كان يراها تتألق بالجمال والأنوثة، وكان يشعر بالدهشة والإعجاب. كان يرى كيف أصبحت أكثر حيوية ونشاطًا، وكيف أصبحت تهتم بنفسها وبأطفالها بشكل أكبر. كان يشعر بالحب والاحترام نحوها، وكان يتمنى أن يعود الوقت للوراء حتى يتمكن من تقديرها وحبها بشكل أكبر.

كانت منال تشعر بالسعادة. كانت قد استعادت ذاتها وأصبحت تعيش حياتها بشكل أكثر إشراقًا وإيجابية. كانت تتمتع بالحياة مع أطفالها، وكانت تقضي وقتًا ممتعًا مع صديقاتها، وكانت تقرأ الكتب التي تحبها. كانت تشعر بالأمل والتفاؤل، وكانت تتطلع إلى المستقبل ببهجة وسعادة.

ولكنها ايضا لم تنسى ما حدث في الماضي. لم تنسى كيف أهانها وأوجعها بزواجه عليها، وكيف تجاهلها وأهملها لفترة طويلة. و كيف كانت تبكي ، وكيف كانت تحاول أن تنال رضاه واهتمامه. لم تنس كيف كانت تشعر بالذل وهو لا يشعر بها . لم تنس كيف كانت تتمنى الموت.

ولكنها تعلمت أن تتغلب على كل هذه المشاعر السلبية، وأن تعيش لنفسها ولأولادها. تعلمت أن تحب نفسها وتقدر نفسها، وأن تطور نفسها وتثري نفسها. تعلمت أن تكون امرأة قوية ومستقلة، وأن تكون أم رائعة ومثالية. تعلمت أن تكون سعيدة بما لديها، وأن تتقبل ما لا يمكن تغييره.

في أحد الأيام، عندما كانت منال تقرأ كتابًا في المنزل ، جاء زوجها وجلس بجانبها. كان ينظر إليها بعيون مليئة بالحب والإعجاب. قال لها: "أنت مذهلة، منال. أنا آسف على كل ما فعلته. أنا أحبك، وأنا ممتن لك على كل شيء."

بعد أن أنهى أسبوعه معها، قال لها: "حبيبتي، أريد أن أستشيرك في شيء مهم."

نظرت إليه بتعجب، وقالت: "ما هو؟"

قال: "أنا لم أعد أرغب بالزوجة الثانية، أريد أن أطلقها أو أنفصل عنها."

صدمت منال من كلامه، ولم تستطع أن تصدق ما تسمعه. قالت: "ماذا؟ لماذا؟"

قال: "لأنني أدركت أنني أحبك فقط، وأنك أنت الوحيدة التي تستحقين حبي واحترامي. لقد أخطأت بشدة عندما تزوجت عليك، وأنا نادم على ذلك. أريد أن أعوضك عن كل ما فعلته بك، وأن أعيش معك حياة سعيدة وهادئة. أريد أن أكون زوجًا صالحًا وأبًا مسؤولًا. أريد أن أكون معك دائمًا."

نظرت إليه بدهشة وحزن على زوجته وقالت: "ماذا تقول؟ هل تمزح؟"

لانها تعلم كم هذا مؤلم وحزين وفي نفس الوقت اندهشت من ظلم زوجها وكيف يمكن ان يكون في هذه القسوة

قال: "لا، أنا جاد. أنا أشعر بالندم على ما فعلته. أنا أريد أن أصلح ما أفسدته. أنا أريد أن أكون زوجًا وأبًا صالحًا. أنا أريد أن أعيش معك و مع أولادي في سلام وسعادة.

ولكنها لم تقبل الفكرة على الاطلاق أخبرته أن الأمر قد حصل وانتهى وأنها لا تريد أن تجعل امرأة أخرى في تعاسة. وأنه لا يمكن تغيير الماضي الآن.

منذ ذلك اليوم، أصبحت حياتهم أكثر سعادة وحبًا. كانوا يقضون وقتًا ممتعًا معًا كعائلة، وكانوا يتمتعون بكل لحظة يقضونها معًا. كانت منال تشعر بالسعادة والرضا، وكانت تعيش حياتها بشكل أكثر إشراقًا وإيجابية.

وفي النهاية، كانت منال قد تعلمت درسًا هامًا في الحياة. تعلمت أن الحب والاحترام يجب أن يأتي من الداخل، وأنها يجب أن تحب نفسها أولاً, تعلمت أنها يجب أن تعيش حياتها بشكل أكثر إشراقًا وإيجابية، وأنها يجب أن تتمتع بكل لحظة تعيشها.


وهكذا، انتهت قصة منال، قصة امرأة تعلمت كيف تحب نفسها وتحترم نفسها. قصة امرأة تعلمت كيف تعيش حياتها بشكل أكثر إشراقًا وإيجابية. قصة امرأة تعلمت كيف تكون سعيدة ومحبوبة. وفي النهاية، هذه هي الحياة، مليئة بالتحديات والتغييرات، ولكن مع الحب والاحترام، يمكننا أن نتغلب على كل شيء ونعيش حياة سعيدة ومليئة بالحب. وهذا هو النهاية السعيدة التي كانت تتمناها منال، نهاية سعيدة لقصة حياتها العجيبة.

https://shallowgift.com/b-3/V.0yPx3fp/vObFmrVgJNZCD/0a1aN/D/EOyUNfT/gp0CLmTRUM0cMwTXIr1/OIDjUA